الأحد 13 يونيو 2021
في كتابها الأحدث "الكاتبات والوحدة" تتقصى الكاتبة نورا ناجي أثر عشر كاتبات، وعلاقاتهن مع الوحدة. في هذا الموضوع نتقصى أثر نورا ناجي نفسها، ونحاول الاستفادة من تجربتها لنعرف كيف تأقلمت مع فكرة الوحدة؟ وكيف حولتها إلى "ونس".
∎ كيف ترى نورا ناجي الوحدة؟
في مقدمة الكتاب تتحدث نورا عن علاقتها بالوحدة فتقول: "لم تعد الأيام كما كانت، الإيقاع السريع للحياة يصيبني بكثير من التشتت، والوحدة تلتهمني من داخلي مهما أحاطني الأهل والأصدقاء. البقاء على مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد مشبعًا، بالعكس فقد بات سببا آخر لزيادة شعوري بالوحدة"
وفي موضع آخر من الكتاب تقول: "فكرة الوحدة ـ كما عرفت بعد ذلك ـ تكمن كلها في العزلة، أنت لست وحيدة في البيت ولا الشارع ولا العمل ولا السوبر ماركت، لكنك تلفين نفسك في شرنقة سوداء، معتمة أو شفافة، تهربين بعيدًا، ليس فقط بسبب الاكتئاب، لكنه عدم القدرة على التواصل"
∎ الكاتبات والوحدة:
كان السؤال الدائم الذي يراود نورا ناجي هو لماذا تعاني الكاتبات بالذات من وحدة شديدة؟ تقول: "أجلس مع صديقاتي الكاتبات فأشعر بوحدتهن، أتابع منشوراتهن على فيسبوك فأجدها في معظمها تتمحور حول الفكرة، لماذا ترتبط كتابة المرأة بشعور مجازي كهذا في العموم؟ كل كاتبة تملك عائلة وأصدقاء وعمل ومشغوليات، لكنها لا تتوقف عن الإحساس بوحدتها الدائمة، أو غرابتها في المجتمع"
هكذا قررت نورا أن تتقصى علاقة الكاتبات مع الشعور بالوحدة، وانتهى بها المطاف إلى الكتابة عن عشر كاتبات هن: عنايات الزيات، إيمان مرسال، فاليري سولاناس، ميّ زيادة، إيلينا فيرانتي، نوال السعداوي، سوزان سونتاج، أروى صالح، رضوى عاشور، فيرجينيا وولف.
∎ كيف تتحول الوحدة إلى ونس؟
بعدما خاضت نورا رحلتها مع الكاتبات، تغيرت نظرتها إلى الوحدة. تقول: "للكتابة فعل التطهير في نفسي؛ لأني بعد أن انتهيت اكتشفت أنني أصبحت أكثر هدوءًا. الغريب أنني توقفت عن الشعور بالفزع من فكرة الوحدة، بت قادرة على التأقلم معها، بل وتمنيها أحيانا"
لا يمكننا أن نصف تحول نظرة نورا إلى الوحدة بخير من كلماتها في ختام الكتاب: "الوحدة شرفة روحي، هي ما يظهر خارجي رغم امتلائي بالحياة من الداخل، والوحدة في نفس الوقت ونس، ليست بالضرورة جافة ولا فارغة، أحيانا تكون الوحدة مليئة بالحياة والموسيقى والكتابة والقراءة وأكواب الشاي الساخنة التي أشربها وحدي فأشعر أنني محاطة بالدفء"
يقول روبرت فايس إن "الوحدة مرض مزمن ليست له أي ميزة"، تعارضه نورا وتقول: "لكنني أظن بأن الوحدة لا بد وأن تنتج شيئا، قد تكون جملة أو فكرة أو تعبيرًا"
وقد أنتج لنا شعور نورا ناجي بالوحدة ووحدة من عرفتهن أو قرأت عنهن من الكاتبات، هذا الكتاب المُلهم.