أحمد خالد توفيق عن خروف العيد - مدونة - مكتبات الشروق
أحمد خالد توفيق عن خروف العيد
الأحد 18 يوليه 2021

عن أجواء شراء الخروف قبل عيد الأضحى، كتب د. أحمد خالد توفيق:

«عندما يقترب العيد، تنشأ مشكلة أسرية تتزايد حدتها يومًا بعد يوم: شراء الخروف.. يبدو الأمر سهلاً فالخراف في كل مكان وعند كل جزار ومبلغ الجمعية التي قبضتها في جيبي، لكن أصحاب الخبرة يقولون إنني أحمق تأخرت أكثر من اللازم وإن فرصة شراء خروف جيد ضاعت للأبد.. البعض يقول إنه كان علي أن أبدأ منذ عام.. أي بعد عيد الأضحى السابق، والبعض يقول إنه كان علي أن أبدأ منذ ثلاثة أعوام.. أعتقد أن الذي يزعم أنه كان علي البدء وأنا في سن المراهقة يبالغ نوعًا. دائمًا أنت متأخر.. دائمًا أنت ضيعت الفرصة .. دائمًا الخراف التي تملأ الشوارع الآن هي أسوأ خراف ممكنة ولحمها مسمم ومصابة بالسرطان والفشل الكبدي الكلوي. ولكن من الذي يشتريها إذن؟.. لابد أن هناك من يفعل.. يقولون لي: يشتريها البلهاء وأنت لا تريد أن تكون منهم..

‫ هكذا يتصل صديق بصديق وهذا الصديق يتصل بصديق.. وتدور مفاوضات غامضة تشبه عمليات تهريب السلاح التي تمولها المافيا. وفي النهاية يظهر رجل غامض يخبرني وهو يتلفت حوله والعرق يغمره أن هناك من يربي خرافًا ممتازة على سطح دارهم. هكذا أذهب إلى العنوان المريب ليعطوني خروفًا لا أجد فيه أية مزية فهو يشبه أي خروف آخر، دعك من أنه أغلى من أي خروف عند الجزارين.. يقولون لي في غموض إن هذا ما أعتقده لأنني ساذج.. في الواقع هم أعطوني جوهرة..

‫ أعود بهذا الخروف المذهل للبيت في سيارة نصف نقل. طبعًا لا يوجد مكان يصلح سوى سطح البناية.. لابد من ربطه بحبل قوي محكم لأن للخراف هواية غريبة هي الانتحار من أعلى البناية عندما يصعد الجزار السلم صبيحة العيد.

‫ هذا ما أعتقده طبعًا حتى أصعد في الصباح لأضع له الطعام لأكتشف أنه تحرر من الحبل، وأنه سريع جدًا وأنه مفترس كوحش المينوطور في الأساطير الإغريقية. مطاردة عنيفة جدًا على السطح وأنا أحاول الفرار من قرنيه وحوافره بينما هو مصمم على تمزيقي إربًا. تصعد زوجي على صوت الجلبة فتصاب بالذعر وتتوسل لي:

‫ ـ «لا تجعله يجري!.. أمي تقول إن الجري يتلف لحمه!»

‫ أنجو منه بمعجزة، وأحكم ربطه بحبل غير قابل للمضغ بمعجزة أخرى بينما تلومني زوجتي على تأخري في شراء الخروف.. لو اشتريته مبكرًا لاستغنينا عن هذه المشاكل..

‫ طبعًا أنا مرهق جدًا فلا أستطيع سؤالها عن العلاقة بين التأخر في شراء الخروف وسرعته في الجري وولعه بمذاق الحبال. على كل حال أقرر أن أعهد لها بمهمة إطعامه.. المهمة التي تقوم بها بكفاءة فعلاً لأنني لم أسمع صرختها وهي تسقط من أعلى ولا مرة…»

من كتاب زغازيغ.

لطلب الكتاب:

من متجر علاج الاكتئاب، أردنا أن نأتيك بدعابات ظريفة... أو نكات مضحكة.. أو طرائف مسلية.. أو مٌلح مقرظة، فلم نجد للأسف... لهذا ابتعنا لك نصف كيلو زغازيغ.

شارك بتعليقك
جميع الحقوق محفوظة - مكتبات الشروق 2024