الجمعة 4 يونيو 2021
يصعب أن نتصور أن هناك مصريًا لم يتعرض لأدب نجيب محفوظ.. حتى وإن لم يكن قارئًا. فمن منا لم ير ولو فيلمًا واحدًا من قصص نجيب محفوظ. أو على الأقل سمع كلمة "سي السيد" التي أصبحت جزءًا من الثقافة المصرية.
ورغم الشهرة العالمية التي يحظى بها نجيب محفوظ، إلا أن هناك حتى من القراء من يتصور أو يشعر أن أدب نجيب محفوظ صعب ومعقد، أو لا يسهل فهمه للمبتدئين في القراءة. والحقيقة أن أدب محفوظ بعيد تمام البعد عن ذلك. فأكثر ما يميز أدب محفوظ أنه له أكثر من مستوى للتلقي. يقرأه المبتدئ فيجد فيه المتعة اللازمة. ويقرأه المخضرم فيستمتع ويفطن إلى ما وراء النص من معانٍ ورموز.
إذا كنت من هؤلاء وتريد أن تخوض رحلتك الأولى مع أديب نوبل، فإليك 6 من ترشيحاتنا للبدء في عالم نجيب محفوظ:
◼ حكايات حارتنا:
الرواية لا تتجاوز صفحاتها 160 صفحة. وتضم 78 حكاية، يتراوح طول الواحدة بين نصف صفحة أو 3 صفحات على الأكثر. تتناول الحكايات قصص الطفولة والحواري والشوارع، تفاصيل الأهل وحياتهم وأفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم، حكايات تُروى بدقة في التفاصيل لا تُتاح إلا لمن شهدها، ولكن هكذا تُروى الحكايات في حارتنا.
"حكايات حارتنا" هي حكايات عالمنا؛ فالراوي يحكي لنا قصصًا مختلفة عاشها، وكل حكاية وحدة سردية مكتملة؛ حيث البطل الحارة والتكية بأساطيرهما وغموضهما، وقد صدرت طبعتها الأولى عام 1975. ووفقًا لمحفوظ فقد بدأ كتابتها كنوع من السيرة الذاتية، ثم تغيَّر منهجها لتتحوَّل إلى رواية متخيَّلة.
◼ ليالي ألف ليلة:
تبدأ قصتنا بقرار شهريار الإبقاء على شهرزاد زوجة له دون أن يقتلها، ثم تعرض جوانب من حياة أبرز شخصيات السلطنة من خلال قصص منفصلة متصلة. وقصص شهرزاد تجعلنا مع شهريار نتلهف لسماع النهايات؛ حيث تتنوع الشخصيات في حكايات ليالي ألف ليلة ما بين جنٍّ وسلاطين وكائنات غريبة؛ فيزداد شوق الملك لسماع المزيد، لتكون النصيحة الأهم: «اصبر؛ فالفهم لا يتيسر إلا مع الزمن». خرج شهريار من جنته، ليذكرنا نجيب محفوظ أن «الحرية حياة الروح، وأن الجنة نفسها لا تغني عن الإنسان شيئًا إذا خسر حريته».
و"ليالي ألف ليلة" مستلهمة من أحد أشهر نماذج التراث "ألف ليلة وليلة" بلغة شاعرية وقالب روائي من الفانتازيا.
◼ رادوبيس:
رادوبيس هي ثاني رواية كتبها نجيب محفوظ، وهي واحدة من ثلاث روايات تاريخية بدأ بها الروائي العربي الأهمّ مشواره الأدبي، والرواية صدرت طبعتها الأولى عام 1943، وعالج خلالها نجيب محفوظ واحدة من أشهر أساطير العالم القديم.
و"رادوبيس" - في الأصل - أسطورة فرعونية، تحكي عن البلاط الملكي الفرعوني وتفاعلاته مع العصيان الشعبي في سياق قصة علاقة غرامية غير شرعية بين فرعون وبين الفاتنة رادوبيس، إنها قصة الجميلة التي فقدت صندلها في بركة المياه، وجعلت من قصرها قبلة للعشاق، واعتبرت أن حريتها هي حياتها؛ فهي التي تختار مَنْ تُحبّ، حكاية فاتنة القلوب التي زهدت العالم حين وقعت في غرام الملك لتعرف الحبَّ لأول مرة، فهل تفرِّط في حريتها؟
◼ أفراح القبة:
عباس كرم يونس يؤلّف مسرحية يحكي فيها قصة مثيرة، للغرابة تحدث في بيته؛ حيث يوجِّه اتهامًا لامرأة – هي أمه- بالعهر. غير أن الأب كرم يونس مدمن أفيون، يؤمن بأن الأخلاق شيء نسبي. أما طارق رمضان فيعاني من فقدانه لحبيبته تحية برغم إساءته معاملتها، بينما حليمة تحكي قصتها لتتكشف لنا أبعاد أخرى، في حين تحية هي محور الأحداث.
وأفراح القبة صدرت طبعتها الأولى عام 1980، وتتشكل من أربعة فصول تروي نفس الحكاية لكن من وجهات نظر مختلفة، عبر أسلوب تعدّد الرواة الذي يكشف لنا التفاصيل خطوة خطوة. وكما الرقم سبعة المرسوم على الأرض يراه أحدهم سبعة والآخر ثمانية، في حين يعتقد آخر أنه فكَّ تمساحًا يستعدّ للانقضاض، فكل شخصية تدلي بشهادتها وتقدم حججها والحكم لك.
◼ ميرامار:
في بنسيون ميرامار بجوار محطة الرمل بالإسكندرية تلتقي مجموعة شخصيات متنافرة؛ "عامر وجدي" صحفي عجوز متقاعد جاء لـ"ميرامار" ليقضي ما تبقَّى له من العمر في سكينة، و"طلبة مرزوق" صادر ضباط 23 يولية أمواله ووضعوها تحت الحراسة، و"حسني علام" يعاني صدمة رفضه زوجًا، و"منصور باهي" شيوعي خائف من الاعتقال، و"سرحان البحيري" يسعى لحبٍّ حقيقي، وفي وسط كل هؤلاء "زهرة" الهاربة من زواجها قهريًّا، فماذا ينتظرهم في البنسيون؟
ورواية ميرمار صدرت طبعتها الأولى سنة 1967، راصدة حال الناس في مصر بعد صدور قرارات يولية الاشتراكية سنة 1961، من خلال أربع شخصيات من سكان البنسيون عبر أربع وجهات نظر؛ لتصل أنت إلى وجهة نظرك.
وقد استلهمت السينما من رواية "ميرامار" فيلمًا حمل نفس الاسم، أخرجه كمال الشيخ عام 1969، وقام ببطولته: شادية ويوسف وهبي ويوسف شعبان وعماد حمدي.
◼ زقاق المدق:
رواية تدور في زقاق المدق بحي الحسين، عبر شخصيات ترتبط فيما بينها بعلاقات الجيرة، كما تربطهم وتفرِّقهم وتحدِّد مصائرهم الفتاة الجميلة "حميدة". وقد صدرت طبعتها الأولى عام 1947، راصدة عالم ما بعد ثورة 1919؛ حيث تتفكك بمرور الزمن قيم الحركة الثورة المصرية وتنحني هامات رجالها، ويبدو كل شيء مثيرًا للحيرة ليأتينا الخبر من نجيب محفوظ: «اليأس على أي حال أروح من الشك والحيرة والعذاب».
واستلهمت السينما من رواية "زقاق المدق" فيلمًا حمل نفس الاسم أخرجه حسن الإمام عام 1963، وقام ببطولته شادية ويوسف شعبان، وكذلك الفيلم المكسيكي "حارة المعجزات" أو "El callejón de los Milagros" الذي أخرجه خورخى فونس عام 1995، وقام ببطولته سلمى حايك وإرنستو خوميث كروز.