«لو تصورنا القرآن كونا نجومه الآيات والسور، فإن شمس هذه النجوم هي آية الكرسي. وإذا كانت الشمس ليست أكبر النجوم في الكون، وإنما هي أقربها فحسب للأرض، فإن آية الكرسي ليست أكبر شموس القرآن، وإنما هي أقربها من الحياة الإسلامية. وإذا كانت صور الحياة على الأرض تستمد وجودها من طاقة الشمس كما يحدثنا العلم، فإن طاقة التوحيد هي المصدر الرئيسي لكل أنواع الحياة الإسلامية. على التوحيد تبنى قواعد التصور الإسلامي، ومن قواعد التصور الإسلامي ينهض بناء الفرد المسلم والدولة الإسلامية..
وإذن ينطوي احتفال المسلمين بهذه الآية على إدراك لجلال شأنها.
روى ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي"..
فآية الكرسي من آيات التوحيد الأساسية.
وهي آية تشير إلى وحدانية الله وانفراده بالحياة المطلقة، وهي تبين قيامه على كل شئ، وتوضح قيام كل شئ به، وتؤكد ملكيته المطلقة لكل شئ، وعلمه المحيط بكل شئ، وهيمنته على كل شئ، وقدرته وحفظه لكل شئ.
أيضا تصرح الآية أن الشفاعة عنده مقيدة بإذنه، وإذنه مرهون بمشيئته ورضاه. وبذلك ترسم الآية بكلماتها صورة لتوحيد الله..
هذه الصورة هي الضوء الوحيد الذي يليق أن يستقر في ضمير المسلم.. ووجود هذا الضوء يعني إنقاذ الحياة الإنسانية.»

من كتاب "الله في العقيدة الإسلامية" لـ أحمد بهجت