عندما كانت دولة الإسلام تتقلص في الأندلس؛ والباباوية في روما تتآمر وتتحالف مع الوثنيين التتار لمحاصرة العالم الإسلامي، وعندما كان هولاكو تولوي يجتاح دول الشرق الأوسط الإسلامية ويقترب من عاصمة الخلافة العباسية الشائخة في بغداد؛ وعندما كانت قوات لويس التاسع الصليبية تخوض مياه البحر المتوسط قبالة ثغر دمياط؛ في وسط هذا وأكثر ظهرت دولة المماليك في مصر؛ فكان لها الدور العظيم في نصرة الإسلام والمسلمين.
لقد أسس المماليك دولة إسلامية مترامية الأطراف شملت مصر وبلاد الشام وامتد حكمهم على مدى قرنين ونصف من الزمن حتى مجيء العثمانيين وإزالة نفوذهم عن مصر والشام. ولقوة ومكانة الدولة المملوكية فقد خطب ود دولتهم ملوك أوروبا وآسيا، وانتقل في عهدها مقر الخلافة العباسية من بغداد إلى القاهرة، وأسس المماليك أول جيش نظامي في مصر في العصور الوسطى.
ووقفت دولة المماليك أمام التتار الذين لم يستطع أن يقف أمامهم أحد؛ وانتصروا عليهم في معركة عين جالوت الشهيرة، وتابعوا فلولهم حتى أخرجوهم من بلاد الشام مهزومين..
ولكون عصر المماليك مجهولاً بالنسبة إلى كثير من المسلمين أردنا أن نخصص هذا الكتاب الدراسة هذا العهد المملوكي. ويمكننا تقسيم حكم المماليك إلى مرحلتين المرحلة الأولى دولة المماليك البحرية والمرحلة الثانية مرحلة المماليك الجراكسة.