مذكرات النبيل عباس حليم مليئة بالموضوعات عن فترة مفصلية من تاريخ مصر الحديث في خريف حكم أسرة محمد علي، تحديدًا في عهدي فؤاد وفاروق، حكايات شارك الأمير في معظم أحداثها، وقصص تكشف عن كم الفساد والنهب الذي تعرضت له مصر في عصر الملكية.
ولأسباب صاحبت وقت صدور تلك المذكرات، تم إسقاط ملامح أساسية من وجه النبيل، وهي ما تظهر دوريه السياسي والنقابي الذي اشتهر بهما بعد عودته من أوروبا ببضع سنوات. فالنبيل المشاكس ظهر بوصفه عازفا للحن مغاير لما تردده الجوقة الملكية وأصحاب المقام الرفيع فيما يخص سياسة القصر والوزارات التابعة له. لعب أيضًا دورا مهما في تأسيس نقابات عمالية وقيادة اتحاد العمال في فترات مختلفة، بل أسس حزبا للعمال في تحدي للأحزاب الموجودة وعلى رأسها الوفد.
عباس حليم - رغم نواقصه - يعد شخصية فريدة من نوعها، فسليل العائلة المالكة يعارض سياسات ملوكها ويتحداهم على صفحات الجرائد ورؤوس الأشهاد ويدعو الأحزاب للاصطفاف الوطني لمواجهة أزمة الحكم، بل يصل به الأمر لأن يهتم بأحوال وقضايا طبقة العمال التي تنتمي للعالم السفلي المكتوي بنار طبقته وأعوانها.