الهروب الكبير من معتقل الواحات

" تأخر صدور هذه المذكرات 53 عامًا... رحل خلالها العدد الأكبر من شهود "الهروب الكبير" الذى كان يشكل أكبر الأحداث إثارة فى تاريخ المعتقلات السياسية فى مصر.

وكنت قد عرضت على "محمد عويضة" بعد أيام قليلة من الافراج عنا من معتقل الواحات أن نكتب تفاصيل قصة الهروب باعتبارها أبرع وأهم واقعة هروب معتقل سياسى يقع فى أعماق الصحراء الغربية وعلى مسافة لا تقل عن مائتى ميل غرب مدينة أسيوط، غير أن عويضة رد على اقتراحى بأنه سيتولى بنفسه كتابة تفاصيل عملية الهروب. ولم أكن أتصور أن هذه المهمة التى ألقاها على عاتقه سوف تستغرق كل هذا الزمن، وانه لن تتاح لى فرصة قراءتها ألا بعد أكثر من نصف قرن وبعد رحيل كاتبها وبعد أن سبقه بسنوات عدة رفيقة فى رحلة الهروب... الدكتور ابراهيم هرارى.

والمؤكد ان هذا الهروب أحدث هزة كبرى فى الأجهزة الأمنية فى ذلك الوقت (1963) نظرًا لأن موقع المعتقل يجعله أقرب لأن يكون بمثابة منفى بمنطقة نائية مما يجعل الهروب منه شبه مستحيل، وكذلك لأن الدكتور ابراهيم هرارى انتقل من سجن المحاريق وسط الصحراء الجرداء البعيدة الى العاصمة الفرنسية باريس بعد أيام معدودة من هروبه لكى يكشف للعالم أحوال المعتقلين السياسيين فى مصر."