كيف كان نابليون عالمًا نفسيًا؟ وما الذي عجّل بسقوطه؟ - مدونة - مكتبات الشروق
كيف كان نابليون عالمًا نفسيًا؟ وما الذي عجّل بسقوطه؟
الجمعة 4 يونيو 2021

في كتابه "سيكولوجية الجماهير" يقول جوستاف لوبون:

«ومع ذلك فإن الذين سادوا على العالم وساسوا الأمم والممالك ممن شرعوا الأديان وأسسوا الدول ورسل المذاهب كلها وأقطاب السياسة حتى رؤساء العشائر الصغيرة، كانوا دائمًا من علماء النفس وهم لا يشعرون، فكانوا يعرفون روح الجماعات معرفة فطرية، وكانت تلك المعرفة صادقة في أغلب الأحايين، ومعرفتهم لذلك جيدا هي التي مكنتهم من السيادة عليها.

‫ كان نابليون واسع الخبرة بأحوال الجماعات النفسية في البلاد التي انبسطت يده عليها، ولكنه جهل غالبًا روح الجماعات في شعوب أخرى، كذلك كان شأن أكبر مستشاريه فإنهم أيضا لم يفقهوا حقيقة حال الجماعات الأجنبية عن أمتهم، فقد كتب له (تايلران) أن إسبانيا تلاقي جيوشه لقاء المنجدين، فلما زحفت إليهم استقبلهم كما تستقبل الوحوش الكاسرة، ولو أنه كان على شيء من العلم بما ورثت تلك الأمة من الأميال لسهل عليه معرفة هذا الاستقبال. 

‫ ذلك هو السبب في أن نابليون قام في بلاد الإسبان وفي بلاد الروسيا على الأخص بحروب كانت عاقبتها التعجيل بسقوطه.

‫ معرفة روح الجماعات أصبحت اليوم آخر ملجأ يأوي إليه السياسي العظيم، لا لأجل أن يحكمها، فقد صار ذلك الآن صعبًا كثيرًا، بل ليخفف عنه شدة تأثيرها.»

لطلب الكتاب:

الجماهير مجنونة بطبيعتها، فالجماهير التي تصفق بحماسة شديدة لمطربها المفضل أو لفريق كرة القدم الذي تؤيده تعيش لحظة هلوسة وجنون، والجماهير التي تصطف على جانبي الطريق ساعاتٍ وساعات لكي تشهد من بعيدٍ مرور شخصيةٍ مشهورة أو زعيم كبير للحظات خاطفة هي مجنونة أيضًا، فإذا ما أحبت الجماهير دينًا ما أو رجلًا ما تبعته حتى الموت، كما يفعل اليهود مع نبيهم والمسيحيون المتعصبون وراء رهبانهم والمسلمون وراء شيوخهم... الجماهير تحرق اليوم ما كانت قد عبدته بالأمس، وتغير أفكارها كما تغير قمصانها.

شارك بتعليقك
جميع الحقوق محفوظة - مكتبات الشروق 2024