الثلاثاء 20 يوليه 2021
في كتابه "زهرة العمر" ترد رسالة من توفيق الحكيم إلى صديقه "أندريه"، والذي جاء وصفه أيضًا في كتابه "عصفور من الشرق"، يحكي "الحكيم" لصديقه عن مظاهر يوم العيد، فيقول:
«لعل لكتابتى إليك اليوم سببًا واضحًا معقولاً: فاليوم هو عيدنا الكبير، والموسيقى تعزف بالأبواب طالبة ما نسميه "العيدية" والأراجيح منصوبة، والصبيان والأطفال يتصايحون، وينفخون في المزامير الصغيرة بملابسهم الحمراء القانية، والصفراء الفاقعة، والخضراء السندسية.. والجميع يقول بعضهم لبعض: "كل عام وأنتم بخير" فلماذا لا أقول لك أنت أيضًا هذه الجملة؟.. ثم هنالك سبب آخر، هو أننا في هذا العيد نضحى بخروف.. ولقد أكلنا يا سيدى اليوم ضلع خروف محمر. وو الله لقد تذكرتك ولعلك أحسست اللحم المحمر في بطنك، ولقد أكلته باسمك كما أكلت أنت باسمى في "ليل" "دستة" المحار الأخضر، الذي أحبه، لكن وا أسفاه!.. كان ذلك فيما مضى.. أما اليوم فأنا أحس ببطنى "الزفت والقطران". فماذا تراك الآن تأكل باسمى؟!..»
أما في كتاب "سجن العمر" فيحكي "الحكيم" عن ذكريات طفولته يوم العيد، يقول:
«اليوم الوحيد الذي كنا نشعر فيه بجديد هو يوم العيد، الكبير أو الصغير، فقد كنا نتلقى فيه خمسة قروش "عيدية" كنت أنا شخصيّا أكتفى باللعب بها طوال أيام العيد؛ ثم أردها بعد ذلك إلى أهلى دون أن أنفقها..
غير أن قدوم العيد كان هو حقّا كل فرصتنا لشراء ما يلزمنا من ملابس جديدة تنفعنا طول عامنا.. فكانوا يأخذوننا إلى محل يسمى «ماير» ثم إلى آخر يسمى «ستاين»، وهناك يقوم دائمًا بيننا العراك والصراع.. فوالدى يبدأ أول ما يبدأ بقراءة بطاقة الثمن.. ثم يأخذ في تقريظ وتحبيذ النوع الأرخص، أما نحن فلا ننظر في بطاقات، ولكن نتجه بأبصارنا توًّا إلى ما يحلو لنا، فإذا بنا قد وقعنا على الأصناف الغالية!.. لكن من ذا الذي كان يستمع إلينا؟.. كان والدى يشير من طرف خفى إلى البائع فيلف لنا في الورق بسرعة ما اختاره هو لنا.. فنمضى به صاغرين..»