السبت 10 يوليه 2021
في كتابه الصادر حديثًا "على بلد المحبوب.. رحلة زمزم الأخيرة" يحكي الكاتب أحمد خير الدين عن المصريين في الحرب العالمية الثانية، فيقول:
«في روايته "خان الخليلي" التي صدرت عام 1946، ينطلق نجيب محفوظ من تلك اللحظة الكبيرة في حياة عائلة أحمد عاكف حين دفعتهم الغارات على منزلهم في حي السكاكيني إلى الانتقال إلى شقة جديدة في خان الخليلي. بين ما جرى لأحمد ورشدي ونوال، نرى نصيب هتلر من نقاش البيوت وزوار المقاهي.
لكن ما لم يذكره نجيب محفوظ كثير. حين اشتدت تلك الغارات وجدت الحكومة نفسها أمام مأزق إعانة هؤلاء الذين دمرت الغارات منازلهم. تقرر بعد سجالات طويلة إنشاء لجنة إغاثة تفتق الذهن عن تمويلها بطريقة مثيرة.
أذنت الحكومة للحارس العام على أموال الرعايا الإيطاليين بالأخذ من أموالهم لمساعدة المنكوبين وأن يبقى القرار سرا، كما اعتمدت نحو خمسين ألف جنيه لإنشاء المزيد من المخابئ.
زادت موجة الهجرة من الإسكندرية إلى البحيرة؛ فأوقفت الحكومة هذه الخطوة وطلبت الانتقال إلى القاهرة، وأمرت بصرف مرتب شهر على سبيل السلفة ومقسطة على عام كامل لكل موظف يرغب في ترحيل عائلته من الإسكندرية.
دعما لجهود الإغاثة؛ تبرع الملك بمبلغ خمسمائة جنيه فقط، كانت مثار تندر الجميع.
كان الملك قد واجه انتقادات عنيفة من السفارة البريطانية لدفعه إلى التخلي عن وجود كثيف لإيطاليين بين حاشيته، كما أن عيون لامبسون قد رصدت له الكثير من الأحاديث التي سخر فيها من أداء الجيش البريطاني، وتؤيد بلا مواربة انتصارات هتلر وموسوليني.
استعاد الناس ما نشرته الصحف في بداية الحرب. طمأنوهم أن القاهرة في أمان، وأن أعمال الوقاية والتمريض من آثار الغارات في أتم جاهزية. المصور لم تجد حرجا في أن تعدد في صفحة كاملة وجه النفع لمصر. الحرب على ما فيها من فظاعة وقسوة ليست شرًّا بحتًا. هكذا كتبت الصحيفة التي رأت أن ستة عشر مليون مصري يمكنهم الاستفادة من التربية العسكرية للشعب وسترفعهم إلى مصاف الدول الأوروبية، وتحقق «الحلم اللذيذ» بجلاء الجيوش البريطانية».