كورنتينا.. تاريخ الحجر الصحي في مصر - مدونة - مكتبات الشروق
كورنتينا.. تاريخ الحجر الصحي في مصر
الجمعة 4 يونيو 2021

أُصيبت مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، بوباءين فتاكين، هما الكوليرا والطاعون. الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات جدية للحد من أثرهما على السكان. ففي عام ١٨١٢ اقترح الطبيب الإيطالي (غيطاني بك) على محمد علي باشا، أن يحد من دخول السفن الآتية من إسطنبول التي أصيبت في ذلك العام بوباء الطاعون. وفي العام التالي، بعد أن انتشر الطاعون في مختلف نواحي الدلتا، عبر الباشا عن رغبته في إقامة حجر صحي (كورنتينا) في الإسكندرية، يحجز المسافرين والبحارة الذين يصلون من مناطق مصابة بالطاعون، على أساس أنه من المحتمل أن يكون المرض قد أصابها أولًا.
وفي عام ١٨٢٨ أصدر محمد علي أمرًا إلى محرم بك، محافظ الإسكندرية آنذاك، بأن يستشير القناصل الأجانب في المدينة ليضع مسودة للوائح الحجر الصحي وينفذها في المدينة الساحلية السريعة النمو. كذلك فُرض الحجر الصحي على ميناء دمياط عام ١٨٢٩ ورشيد عام ١٨٣١. وأخيرًا، وفي مواجهة تفشي وباء الكوليرا عام ١٨٣١، أقيمت هيئة دولية للحجر الصحي في الإسكندرية تتكون من مختلف القناصل الأجانب في المدينة، وهي المحاولة الأولى من نوعها للسيطرة دوليًا على المرض.‏

من كتاب "كل رجال الباشا" - خالد فهمي

لطلب الكتاب:

يضع «محمد علي» ودولته وجيشه أمام معيار علمي، لا يرى منه حاكمًا أسطورةً ولا ديكتاتورًا، بقدر ما يضعه في الإطار التاريخي الذي جعل منه ظاهرة شديدة الأهمية في تاريخ مصر الحديث.

يقدم تاريخ مصر «من أسفل»، بمعنى اهتمامه بالمحكومين أكثر من الحكام، وهو أسلوب كان نادرًا في الكتابة عن تاريخ مصر قبل ظهور طبعته العربية الأولى عام 2000، وقد نجح في أن يمسك بصوت ذلك المصري المحكوم دون التورط في تعميمات عاطفية.

يقدم إضافة علمية وفلسفية مهمة إلى دراسة مفهوم السلطة وتشكُّلها عبر التاريخ، وتصبح دولة محمد علي نموذجًا، يحلل بناء على نظرته تلك وثائق وخطابات الجيش المصري في ذلك العصر، ويستكشف عبر الغوص فيها تشكُّل تلك السلطة وتطورها في واحدة من أكثر تحولاتها التاريخية تأثيرًا ربما إلى الآن.

فتح عيون المؤرخين والقراء على وثائق شديدة الخصوصية، وحوَّل كثيرًا من الموروثات لتصبح مصادر لصناعة التاريخ، فدخل أرشيفات اعتُبرت قبل هذا الكتاب في عداد المجهولة أو المنسية، إلى أن جاء لينفض عنها غبارًا تراكَم عبر السنوات الطوال، وأشعَرنا بكونها كنزًا شديد الأهمية في تاريخنا. وفي دراسة تاريخنا. ظل « خالد فهمي» محافظًا على أسلوب ممتع وسلس ويفيض بالدراما، آخذًا بيد قارئه إلى الحقائق عبر استعمال حجج شديدة القوة، ومكتملة الوضوح في الوقت نفسه. 

شارك بتعليقك
جميع الحقوق محفوظة - مكتبات الشروق 2024