الجمعة 9 يوليه 2021
في كتابه الصادر حديثًا "يهود مصر في القرن العشرين.. كيف عاشوا ولماذا خرجوا؟" كتب د. محمد أبو الغار عن "حارة اليهود":
«كان لها وجود تاريخي منذ أيام الفاطميين. ومنذ العصر العثماني حتى منتصف القرن التاسع عشر، كان جميع يهود مصر تقريبًا يسكنون في الحي اليهودي (حارة اليهود) في منطقة الموسكي في حي الجمالية، وكان الأغنياء منهم يسكنون في بيوت كبيرة في الحي، ولها بهو داخلي مفتوح. أما الفقراء فكانوا يسكنون في شقق صغيرة مزدحمة بعائلات كبيرة العدد معظمها مؤجرة. لم يكن الحي اليهودي (الحارة) جيتو كما كان الحال في أوروبا الشرقية، بل كان منفتحا على المدينة، وكانت للحي أربعة أبواب ضخمة من الحديد يمكن أن تغلق الحي للدفاع عنه، ولكن في منتصف القرن التاسع عشر لم تكن هذه الأبواب تغلق.
ويقول محمود عبد الظاهر: إن حارة اليهود لم تكن حارة بالمعنى الحرفي، فهي ـ في الحقيقة ـ حي كامل فيه شوارع وحوارٍ كثيرة متصلة ببعضها البعض، وتقع في وسط القاهرة بين القاهرة الإسلامية والقاهرة الخديوية وكانت تسكن في الحارة أعداد كبيرة من المسلمين والأقباط، وكان سكانها من اليهود مرتبطين بأمريْن؛ أولهما الدخل المحدود، والآخر القرب من مصادر الرزق بالنسبة إلى الحرفيين في الصاغة وغيرها، أما من تحسنت أحواله المادية فقد كان يهجر الحارة إلى عابدين أو باب اللوق أو باب الشعرية أو الجمالية أو الأزبكية أو الدرب الأحمر، ومن ترتفع أحوالة المادية أكثر كان ينتقل إلى العباسية ومصر الجديدة، أما من انضم إلى الأغنياء فكان سكنه الزمالك والمعادي أو جاردن سيتي، ولم تكن الحارة ـ كما هو واضح ـ مكانًا إجباريًّا ملزمًا لسكن اليهود في أي زمان من التاريخ الحديث لمصر؛ لذا فإنها لم تكن جيتو يهوديًّا مماثلًا للجيتو في أوروبا الشرقية الذي ألزم اليهود بالسكن فيه.
وفي الإسكندرية عاش اليهود في مختلف الأحياء حسب وضعهم الاقتصادى، إلا أن فقراءهم كانوا يسكنون ما يعرف باسم سوق السمك.
ومنذ عام 1860، بدأ الأغنياء بناء بيوتهم في الأحياء الراقية الجديدة في القاهرة وتركوا الحارة».